
نجمة سقطت من سماء بعيدة، ضوضاء تنبعث هنا وهناك، عيون تلتهمها، كنت حزينا وبائسا، اعرف اني الوحيد الذي انظر اليها بدهشة طفل مسكون بالحلم، لأني رأيت ما لم يره احد فيها، شيء ربما لم تعرفه، لا اقصد اني ادركته، امراً اختطف حواسي. هناك مقاعد قرب الكافتيريا، وجدران بها اثر شقوق طفيفة، احاديث رتيبة وصيحات، هناك يحملون كراريس محاضراتهم، وقصصهم الهزيلة، بينما حوريتي ترمش، تهز رأسها وتوزع ابتساماتها، ترسمها غمازتين.
وحدي تؤرجحني شطآن حب مجنون، كانت طفلتي التي لا امتلك حق اخذها بيدي.
جميعهم كانوا يلوثونها بحقب امراضهم؛ وبقيت حزينا اشاهد ظلمة عالم ليست فيه. حتى اولئك الذين تعيش بينهم، هي جزء من اعتياد عواطفهم. سأعيش لها عمري فقط، احبتني او لا، كيفما كانت؛ سأطارد الرياح التي اخذتها عني.
اعيد ترتيب احلامي، بينما تضحك برقة، تستمع لصديقاتها، كن جميعاً سعيدات بصحبتها، ثلاث فتيات اقل جمالاً هن صديقاتها لكن ليس هناك من يحبها. فقط يسترقن وجودهن الانثوي في هامشها الواسع. هي ايضا مثلي حزينة وإن لم اكن اعني لها شيئاً، لكنها لم تجد الحب الذي تستحقه، لعلي حاولت تجميل جنوني؛ لعل هذا ما اردته ان اكون محبها الوحيد، لكني اشعر بالتعاسة.
اقف جوار ممر تدوسه الاقدام تتواشج منه اصوات غريبة، وحيدا انظر للصمت، قطرة لامرئية وهي العالم اللامتناهي، اسقط في قعر بلا قرار. اكملت سجائري، لكنها مرت دون ان تنظر لي.
كل شيء اختل في حياتي، هذا الزمن لم يعد كافياً حتى لأفكر فيها، يالي من تعس غريب الاطوار، استسلمت لحب اثقلني باليأس. مضت وسط صف شجيرات، هناك اشجار سرو وكازورينا، حيث شجرة كافور عجوزة، تجاوزت الباب الرث، واختفت في سيارة حديثة. لأول وهلة شعرت بخسارة الفراق. كم كنت تعيساً، كان الم فراق يعبر جسدي المقيد في سكة، يمزقني قطار رهيب كان حلماً، فكرة ورغبة، كان حكاية بُترت قبل ان تبدأ، لعلها ايضا نهاية سأعيش لها ما تبقى من عمري.
ومع ذلك، قياساً لكل تلك الخسائر الممكنة، سأحبها ابداً؛ لأني احبها فقط دون انتظار وعد. دون امل باللقاء، سأحبها لأني كذلك بالفعل. رأيت فيها ما لم يره احد، عرفت فيها مالم يعرفه احد.
كانت اكتشافي الوحيد، لهذا حين ستدرك هذا الحب، لن ترى سواي. ستبعثني من الموت في حلم سبق وعشت خيباته.