كتابات

مقبل

خالد عبدالهادي

كان علي صالح عباد (مقبل) امتداداً لجيل من الساسة الذين صنعتهم حروب التحرير الشعبية والمعتقلات والمظاهرات الجماهيرية. وبرحيله ينطوي تمثيل هذا الصنف من القادة داخل الطبقة السياسية الراهنة تقريباً، وينقطع فن القيادة الجماهيرية.

وليتها لا تكون أمنية عزيزة في أن تجود الحياة السياسية مجدداً برجل صعب المراس، لا تحتويه القوالب مثل مقبل الذي لو لم يكن له إلا انتداب نفسه لمغامرة لم شمل الحزب الاشتراكي اليمني بعد صيف 1994 لكفاه، إذا لم يكن من أحد يومذاك يقود مركباً مضطرباً تكتنفه الأخطار والأعاصير كهذا الرجل.

وسواء حين كان نشطاً في العمل السياسي على رأس الاشتراكي أو بعدما استراح، ظل مقبل العنصر الذي يضفي الثقل على أي صورة سياسية عامة أو شخصية؛ فمنظمو الاعتصامات يحرصون على أن يتصدرها أو يلقي خطاباً فيها.. والطلاب في المنظمات الجامعية الحزبية ينتظرون أيام العطلات للظهور بجانبه في صورة.

حتى وقد أقعده المرض داخل منزله، سعى أقزام سلطويون في صنعاء الراهنة إلى إطالة قاماتهم يوماً فذهبوا لالتقاط صور لهم إلى جانبه، آملين أن يمنحهم الجوار في الصورة جواراً في المنزلة والتاريخ! لكن الصورة ليست خدعة بصرية لتتيح تطهر الأحداث أو الأشخاص بلحظة متطفلة اقتنصتها الكاميرا، بل ثمة الصورة الكلية المتشكلة في الوجدان الجمعي والتدوين التاريخي.

لاكتمال مجد المرء الشخصي حسبه أن يكون نزيهاً وشجاعاً وموهوباً ذا قيم كريمة، وبكلمة: أن يكون مثل مقبل.

من صفحة الكاتب على” الفيس بوك”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة لـ منشور برس2018©. انشاء وترقية MUNEER