
في الشارع الآن
قبل الفجر بدقائق ،، بعد منتصف الليل بدهر
عند نهاية ليل كأنه الأزل
لا أحد الآن في الشارع ، لا أحد
لا شيء
لا حياة ، ولا منادي
الحي كله كقطعة قماش سوداء، لو لم أشعل الآن هذه السيجارة
بإستثناء سيجارتي ، لا وجود لشيء يدل على النور أو النار في الشارع
خباز الحي ما زال نائما ، وفرنه كذلك
سائقي المركبات نائمون ، وعرباتهم كذلك
“سكان الحي نائمون” ، قالت نوافذهم
لكني لا أصدقها تماما
فخلف النوافذ المنطفئة، تشتعل نيران كثيرة
الحزن، الدموع، الأسى، الشوق، الحنين، التناهيد، المواجع، والتعب
ونيران أخرى تشعلها الحاجة للتمدد ، وربما الرغبة وحدها
ففي حياة كهذه تسلب المرء كل شيء ، يؤجل المرء ثأراته مما تفعله الحياة به نهارا إلى المساءات الحميمة
فيلجأ للرغبة كآخر سلاح يحافظ فيه على وجوده
وللسرير كآخر أرض ، لا ينبغي أن يفرط فيها بسيادته.
في الشارع الآن
لا العدم موجود ، ولا الأفكار السخيفة أعلاه تترك الوجود الشبيه بالعدم وشأنه
لا شيء هنا تبقى من نهار الأمس
المارة، المركبات، المحلات، الباعة المتجولون، المتسولون، المسلحون، الطفلة التي تفترش الرصيف وكتبها في يديها، هتافات الناس لبعضهم، الشجارات، أصوات الرصاص، رائحة الطعام
لا شيء من ذلك.
لا أحد الآن هنا إلا أنا وأفكاري
وبعض الكلاب الكسولة ، لا تحرك ساكنا
ولا تخيف عابرا لتطرد عنه شروده
هل كسولة حقا!؟
أم أنها من عناء النهار نسيت قدرتها على النباح على الأقل؟ ربما
كلاب حينا عادة تنسى -من فرط إنشغالها بلقمة العيش- أنها كلاب حتى يذكرها أحدهم بحجر.
كسولة!؟
متعبة!؟
لم تنبح! ولم يتحرك كلب من هذه المجاميع نحوي رغم اتجاهي نحوها واقترابي بشكل مضطرب.
لست أدري مابها..
لكني أعرف جيدا أن البشر لا يفرطون بفرصة مهيئة الظروف كهذه.
لا يفرطون أبدا، بقدرتهم على الإيذاء.
الآن
عند الفجر تماما..
يطلق مؤذن المسجد الصغير في الحي أذان الفجر
بدأ البعض يخرجون للصلاة
هناك في المسجد سيرتصون صفا
ويسلمون في الصلاة على المسلمين جميعا
ثم يسلمون ، مصافحين بعضهم بعضا
بعد ذلك سينطلق كل إلى حروبه الخاصة
وبعضهم إلى جبهات القتال التي تقربهم إلى الله.
مجاميع الكلاب التي في الحي ستفرقها الحجارة في الصباح
أما أنا ،، لست أدري ماذا سأفعل بصباح لم يكفي ضوئه لإنارة الطريق لي حتى الآن؟