ادب وثقافة
المغبش

. المغبـــــــــــــــش
الجزء الثالث
عبد الملك الحاج
. (٤)
في الوقت الذي توجهت فيه مجاميع كبيره من ابناء هذه المناطق الى شمال الشمال لمواصلة الثورة ضد الملكية والدفاع عن الجمهورية اندفعت مجاميع اخرى مماثلة نحو الجنوب للمشاركة في التحرر من المستعمر ودحر الاحتلال، وكانت المناطق الحدودية اثناء قيام ثورة اكتوبر تعتبر احدى النقاط الاساسية لانطلاق الثورة ومحطة عبور يتنقل من خلالها المناضلين وقادة فصائل العمل الوطني في الشطرين.
بعد عام من اندلاع ثورة الجنوب ذهب المغبش كعادته الى الراهدة وفور وصوله يخبره “النجناج” ان احدهم يبحث عنه وينتظره في مقهاية بن ناشر يتجه المغبش الى المقاهية ويلتقي هناك بـ ” سويلم طمبح ” احد قادة الكفاح المسلح، ينفرد سويلم بالمغبش في احدى زوايا المقهاية ويتحدث معه حول العملية الجديدة ومهمته فيها والتي ستتم في مساء ذلك اليوم، وكانت مهمة المغبش في تلك العملية هى استقبال معجب في “الضلعة” والقيام بحراسة الطنجة التي تحتوي على مجموعة من الاسلحة.
كان سويلم طمبح احد مناضلي حرب التحرير الاوائل ومسئول على الخلية التنظيمية في منطقة ” الشريجة كرش “، وكانت مهمة هذه الخلية هى نقل الاسلاحة الى الثوار في المناطق الجنوبية، وتامين طرق رفقاء السلاح” تحرير وقومية” من الشريجة الى عدن او من عدن الى تعز، بالاضافة الى مشاركة اعضاء هذه الخلية في العديد من العمليات الفدائية التي تنفذفي العمق الاستراتيجي للمحتل.
كانت مهمة معجب وبجانبه سبعة من السائقين الاخرين هى القيام بنقل السلاح والذخيرة التي تصل من مصر الى ميناء المخاء لدعم ثورة الجنوب عبر الشاحنات الى القرى الحدودية المجاورة للراهده لتخزينها ومن ثم نقلها بواسطة الجمال والحمير الى الثوار في لحج والضالع بل وتسريبها الى مدينة عدن متى ما اتيحت الفرصة لذلك.
وصل معجب بطنجته الى الضلعة بعد المغرب مباشرة فوجد المغبش في انتظاره هناك، فيقوم بركن الشاحنة ويتجه الى المكان الذي يدكي فيه المغبش.
المغبش :
لا هلم يا معجب اجي اونه اشنسمر.
معجب :
المغبش قرعوا شيطانك مو تعمل اونه.
المغبش :
مراعي لك لما توصل.
معجب :
مو دراك اننا شوصل الان.
المغبش :
كيف مو درانا قدك محاصر من كل جنب يالله سلم اللي معك الان والا الليله ليلتك.
معجب :
انا فداك وا مغبش مو تخبر…..
يشعر معجب بالخطر وفي الظلام يقترب من المغبش وبيده حديدة وكان يريد ان يخبط بها المغبش في رأسه، شعر المغبش بحركة معجب فقال…
المغبش :
معجب اعقل كما اشتقرب جنابي يمين لا اماسيك.
معجب :
انا فداك ومغبش والله اننا قانا مشوقلك… اشا احبك بوسط الرأس.
المغبش :
يضحك المغبش ثم يقول:
انت تشا تشقف رأسي نصين مش تحبه.. هيا كما ” حميده القراعي ذبح ثور “.
معجب :
يتوقف مكانه ثم يقول:
كون خبر بساعتك بالخبيرة اللي يقولوا لك به.. امانة اننا كنت شنشرك الليلة، تحسب صفاط، جزعت من كل النقط والمتقطعين وشاجي لا عندك وشوقع… لكن منه قلك بكلمة السر.
المغبش :
سويلم.. هيا اجلس وين القات.
معجب :
موجود.. ايحين شوصلوا الجماعة.
المغبش :
يوصلوا ايحين ما وصلوا نجلس نخزن لما يجوا.
معجب :
انت داري يا مغبش.. لواء الثورة قا وصل من مصر قبل اسبوعين وقا نقلوهم لا صنعاء.
المغبش :
وخبرتنا معاهم.
معجب :
ايوه وقد بينهم اربعه قاهم مساعدين للضباط، سعدان والضوط وشايع وحنتوش.
المغبش :
ولما ما روحوش يعاينونا.
معجب :
يعلم الله شروحوا والا لا وزعوهم كلهم بصرواح وبني حشيش ونهم وخولان يقلك معارك طاحنة قا ماتوا من المصريين خيرات خدعوهم خدع، واصحابنا كثير قا ماتوا، الملكية مكور كوارة تشاء ترجع بالصميل وسعود تغرف لهم الجنيهات الذهب بالتناكة.
المغبش :
منه سعود.
معجب :
اخت عمتك سلطنة… لكن الله شحفظ عبد الناصر كل الدول اتكالبت علوه يشوا يجزعوه والعرب جالسين مهقعين.
يصل سويلم طمبح الى الضلعة تمام الساعة التاسعة مساءا هو ومجموعه من رفقته ومعهم عدد من الحمير والجمال حيث قاموا برص جميع الاسلحة والذخائر التي في الشاحنة بشوالات خاصة وتم وضعها على ظهور الجمال بينما تم وضع الذخيرة والقنابل في الاخراج التي على ظهور الحمير، وتم تسليم المغبش بندقية جرمل زاكي الكرام ومحزم رصاص من قبل سويلم وطلب منه ان يسير في مقدمة القافلة لتأمين الطريق بعد ان اعطاه تصور كأمل عن خطة السير.
يعود معجب الى منزله وتتحرك المجموعة باتجاه “العساقي” وبعد منتصف الليل تصل الى منطقة المدرجة التابعة لسلطنة لحج، وهناك تعرضت المجموعة الى كمين من قبل مسلحين تابعين للسلطان كانوا يريدون الاستيلاء على الاسلحة، وكان اول المشتبكين مع الكمين المسلح هو المغبش، فقد اصيب بطلقة نارية في قدمه اليسرى بعد ان اعطى اشاره الى المجموعة بالانتباه واخذ الحيطة والحذر.
استمرت المعركة ما يقارب ساعة ونصف الى ان وصلت الاخبار الى نقطة التجمع التي يتواجد فيها عدد من الثوار الذين كانوا في انتظار سويلم وجماعته هناك الذين تحركوا على الفور الى منطقة الاشتباك وتمكنوا من فك الحصار على سويلم وجماعته ونقل المغبش بطريقة سرية الى لحج لاسعافه، بينما تولى الاخرين ايصال السلاح وتوزيعه في عدد من مناطق المواجهة.
بعد ان شفي المغبش من اصابته تم تكليفه بمهمة تامين الطريق لعدد من المناضلين الثوار في المناطق الحدودية التي تربط تعز بلحج لكي يتمكنوا من الوصول الى مدينة تعز.