
يا أدمعي الثكلى،
دُرّي كمدرارِ الرّاضبِ الحزين
أغرقي الفِجاج، والبيادر الصفراء..
وغَلّ السراب..!
ويا عواصف الرُّوُح الهباب،
مُدّي أشرعة الشوان اليباب..
كي أزُفََّ إليها من كل زوجين اثنين
من قوارعِ الفؤادِ العُجاب
لست أدري كيف يستشف البوم
في دجى الليل البهيم..
ثآليلُ الدواب؟
كيف يندب الإنسان عماه
حين تطيش يداه في
مسرحِ الدمِ المُساب؟
كيف يبكون، وقد حُلِبَت مآقيهم
للقنان..؟ فكفّت عنهم السماء..
وفقئت عيون السحاب!
يا أدمعي الثكلى، أفيضي، ففي
القرارةَ ما يكفِ من العذاب!
لست أدري ما الثواب
لست أدري ما الصواب
ُ يا حياةٌ تزحَفُ إلى قَرَاحٍ
اسقِينَها فغدًا يقضَ الأبناء
وهم يصدحون بالنشيد:
هلمّ إلينا يا فجر الربيع
أشرقت الشمسُ، وسقط الغراب
هلمّ إلينا…هلمّ إلينا
فوجهِ الشؤمِ ولى وغاب..!
وردد الفلاحون منتشين:
هلم إلينا.. يامطر العُباب
فبك الظلم زائل..
وبك الخير قاب..
هلم إلينا يا فجر الربيع
هلم إلينا يامطر العباب
ودارت الأقدار .. فأشرقت الشمس
على جثث تشيّعها الذباب!
تكأكأ الصخرُ ممخورًا.. والضّيمُ
يلفُ أضلاعه كاعصار خنيقٍ
من أقصى الفلاة قد آب..!
من أين الطريق يا أرباب ؟
لا كليم ولا رقيب… من يجيب؟
هساهس الأطلال، ودَيدن الزرع والشجر
يكظمه الصمت الدخيل، صمتُ صرصر!
أيها النائمون أفيقوا، أما تشبعون؟
أما تشعرون بنقع أجسادكم، وقَرصِ
الضجر..؟!
يُقَلّبهُم ذات اليمين وذات الشمال
وسعابيب الدم تحيك نُذرا بذرّات
التراب..!
يا صرصر الدماء كفاك عسفا،
اليوم يقفل الناقوس..
و غدا تخر الجباه سجدا للتواب.